منتديات سورية جنة الارض
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
دخول

لقد نسيت كلمة السر

المواضيع الأخيرة
» ستوكاات للتواقيع -ستوكات للفوتوشوب ___صموته
حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Clock-10الإثنين 19 نوفمبر - 14:14:20 من طرف aki chan

» تصميمى
حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Clock-10الإثنين 19 نوفمبر - 14:11:30 من طرف aki chan

» إعلان إداري: إختيار مشرفين جدد...!
حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Clock-10الإثنين 27 أغسطس - 7:01:23 من طرف جينا

» معنى الاشهاااار
حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Clock-10الإثنين 27 أغسطس - 5:23:51 من طرف جينا

» صور لـ نجوم كوريا
حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Clock-10الإثنين 27 أغسطس - 4:58:29 من طرف جينا

» صوووورة المغني الكووووري؟:الذي يرتدي قلاده مكتوووب عليها اسم الله
حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Clock-10الإثنين 27 أغسطس - 4:50:28 من طرف جينا

» الزيارات المفاجأ
حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Clock-10الإثنين 27 أغسطس - 4:48:39 من طرف جينا

» صورررررر الفرقه الغنائيه الكوريهfx وهم صغار
حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Clock-10الإثنين 27 أغسطس - 0:18:46 من طرف جينا

» من هو توبى ؟؟؟؟؟(نقاش ناروتو شيبودن)
حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Clock-10الخميس 16 أغسطس - 3:03:37 من طرف حميد مسعود فاروق هارون

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 358 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 358 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 415 بتاريخ الأحد 3 نوفمبر - 21:55:22
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

حملة حياتي احلى بالقران الكريم

صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات الجمعة 20 مايو - 15:55:57



حملة حياتي احلى بالقران الكريم  5283_geek4arab.com


حياتي بالقران احلى

اليوم في يوم الجمعة المباركة الفضيلة ارجو ان يكون الجميع فرحان وسعيد افتتح حملة حياتي احلى بالقران بعد اذن من المشرفة دمعة تائب .

حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Xgherctq3ntq1

حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Df08dd5cfb


حملة حياتي احلى بالقران الكريم  E936674a1a


ان شاء الله اتكونو من المتابعين للحملة .
بانتظار ردودكم حتى نواصل .


عدل سابقا من قبل دمعة تائب في الجمعة 20 مايو - 16:20:25 عدل 1 مرات (السبب : للتنسيق)
دمعة تائب
دمعة تائب
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
مزاجي : تعـبانـة
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Unknow10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1303
الموقع: : .......
الأوســمــة : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Jb12915568671

حملة حياتي احلى بالقران الكريم  8Iq76134


حملة حياتي احلى بالقران الكريم  HNA01747


مُساهمةدمعة تائب الجمعة 20 مايو - 16:21:40



بارك الله فيكي على الفكرة الرائعة .
في ميزان حسناتك .
من المتابعين ان شاء الله .
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات الجمعة 20 مايو - 16:23:41



شكرا خيتو على الرد
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات الجمعة 20 مايو - 16:27:07



افضال قرائة القران


ما هو فضل قراءة القرآن وتعلمه وحفظه وتعليمه, وهل قراءة الكبار
والكبيرات في السن للقرآن رغم تحريف بعض الآيات كرفع المنصوب وجر
المرفوع وغير ذلك؛ لعدم قدرتهم على النطق الصحيح, هل هذا جائز أم لا؟


قراءة القرآن من أفضل الأعمال ومن أفضل القربات، فيشرع للمؤمن والمؤمنة أن الإكثار من قراءة القرآن، يشرع لكل مؤمن ولكل مؤمنة الإكثار من قراءة القرآن، للرجل والمرأة والأمير والصغير والكبير والعجوز والشابة يشرع للجميع الإكثار من قراءة القرآن، فيه الخير العظيم والفائدة الكبيرة، كما قال الله عز وجل: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.. (9) سورة الإسراء، ويقول سبحانه: ..قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء.. (44) سورة فصلت، ويقول: وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) سورة الأنعام، ويقول جل وعلا: هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (52) سورة إبراهيم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اقرؤوا هذا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفا من القرآن فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها)، وكان يوما جالساً في أصحابه فقال عليه الصلاة والسلام: (أيحب أحدكم أن يذهب إلى بطحان -واد في المدينة- فيرجع بناقتين عظيمتين في غير إثم ولا قطيعة رحم؟ قالوا: كل واحد يحب ذلك، قال: لأن يذهب أحدكم إلى المسجد فيعلم آية من كتاب الله خيرٌ له من ناقتين عظيمتين، وثلاث خيرٌ من ثلاث وأربع خيرٌ من أربع ومن أعدادهن من الإبل) فالسنة للجميع الإكثار من قراءة القرآن للمرأة والرجل العجوز ولغير العجوز، ولو جرى بعض التحريف ما يضر، عليها أن تجتهد وعلى الرجل أن يجتهد حتى يقيم لسانه، عليه أن يجتهد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ القرآن وهو ماهرٌ فيه فهو مع السفرة الكرام البررة، ومن قرأه وهو عليه شاق ويتتعتع فيه فله أجران) هذا فيه فضل عظيم، له أجران إذا قرأ القرآن وهو يتعتع فيه لأنه ليس بحافظٍ له يجلس لقرأته ليتعلم له أجران، الرجل يتعلم والمرأة تتعلم، ويقف ويعجل حتى يفهم الآية، حتى يفهم الحرف، حتى يقيم الكلمة، يتعلم، وإذا كان عنده من يعلمه كان ذلك خيراً عظيماً، يقول يا فلان اسمع لي، أو يا فلانة تقول لأختها اسمعي لي، إذا كانت تفهم منها، يتعاونا على البر والتقوى، كل واحد يعين الآخر، أو لزوجها إذا كان زوجها يقرأ أحسن منها، تقرأ عليه أو لأمها أو على أختها أو نحو ذلك، هذا من التعاون على البر والتقوى، وإذا قرأت اليوم تلحن فاليوم الثاني إن شاء الله ما تلحن بالتعلم.

وفق الله الجميع. شكر الله لكم

الورد البنفسج


...


عدل سابقا من قبل الورد البنفسج في السبت 21 مايو - 19:16:05 عدل 1 مرات
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات الجمعة 20 مايو - 16:52:35



معلومات عامة عن القرآن الكريم والسور والآيات
حملة حياتي احلى بالقران الكريم  2614500524
حبايب قلبي أتمنى تستفيدو من هذا الموضووع لأنه يحتوي على معلومات عامة عن القرآن الكريم والسور والآيات :- حملة حياتي احلى بالقران الكريم  607579024

***********
*هل تعلم أن: بعض أسماء القران الكريم هي: القرآن، المصحف، الفرقان، الكتاب، الذكر؟

*هل تعلم أن: عدد سور القرآن هي 114 سورة؟

*هل تعلم أن: عدد الآيات 6348 وهذا العدد يتكون من الآيات كلها بما فيها البسملة لأن البسملة تعتبر آية من آيات القرآن الكريم؟

*هل تعلم أن: عدد البسملات في القرآن 113 في بداية كل سورة ما عدا سورة براءة، ويكتمل عدد البسملات في القرآن الكريم ليطابق عدد السور في سورة النمل حيث الآية: "((إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ))؟

*هل تعلم أن: سورة التوبة لا تبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم؟

*هل تعلم أن: سورة النمل تحتوي على بسملتين؟

*هل تعلم أن: عدد السور المكية 86 سورة؟

*هل تعلم أن: عدد السور المدنية 28 سورة؟

*هل تعلم أن: السور التي يطلق عليها الطواسين هي ثلاث سور وهي: سورة الشعراء، وسورة النمل، وسورة القصص. وأطلق هذا الإسم عليهم لأن السورتين الشعراء والقصص تبتدئان بالحروف ((طسم))، والنمل تبدأ بالحروف ((طس))، فلوجود هذه الحرفان الطاء والسين سميت بهذا الإسم.1؟

*هل تعلم أن: سورة الفاتحة تسمى بـ:"أم الكتاب" و "وأم القرآن" و"السبع المثاني."2؟

*هل تعلم أن: أطول سورة في القرآن الكريم هي سورة البقرة، وأقصر سورة هي سورة الكوثر؟

*هل تعلم أن: أقسام السور هي: السبع الطوال، المئون، المثاني، المفصل3؟

*هل تعلم أن: إحدى تأويلات الحروف المقطعة كـ: "ألم" و"حم" و"طسم" هي أن القرآن يؤشر إلى أن العرب لن تستطيع أن تؤلف مثل القرآن الكريم مع أن القرآن يستخدم نفس الحروف التي يستخدمها العرب4؟


*هل تعلم أن: يجب عليك السجود عند قراءتك أو سماعك لإحدى الآيات التالية: آية 15 من سورة السجدة وآية 37 من سورة فصلت وآية 62 من سورة النجم وآية 19 من سورة العلق؟

*هل تعلم أن: قراءة سورة الإخلاص (قل هو الله أحد...) ثلاث مرات تعدل ختم القرآن5؟

*هل تعلم أن: من قرأ سورة النساء في كل جمعة أمن ضغطة القبر6؟

*هل تعلم أن: أن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يضيء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا7؟

*هل تعلم أن: الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تنبأ بزمان لا يعرف الناس فيه القرآن إلا بالصوت الحسن8؟

*هل تعلم أن: الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قاتل الناس على تنزيل القرآن، والإمام علي (عليه السلام) قاتل على تأويله9؟

*هل تعلم أن: القرآن نزل تبيانا لكل شيء: ((وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْء))؟ ومن الجميل أن تبيانه لكل شيء يشمل تبيانه لنفسه10.

*هل تعلم أن: القرآن هو الثقل الأكبر وأهل البيت هم الثقل الأصغر، وأننا مأمورون بالتمسك بهما، وسوف نُسأل عنهما يوم القيامة11؟

*هل تعلم أن: من جمال لغة القرآن قال فيه ألد أعدائه - الوليد بن المغيرة - عندما أرد هو ونفر من قريش أن يطيحوا بالرسول بأن يقولوا أنه مجنون أو شاعر: "والله إن لقوله حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمعذق، وإنه ليعلوا وما يعلى عليه، وما أنتم بقائلين من قولكم ذلك شيئاً إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا: ساحر جاء بقول هو سحر، ويفرق بين المرء وابنه، وبين المرء وعشيرته."12؟

*هل تعلم أن: المسلمين كانوا لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل آية ((بسم الله الرحمن الرحيم))13؟

*هل تعلم أنه: يحرم لمس كتابة القرآن الكريم إذا لم يكن الشخص على طهارة (كالوضوء، والغسل)14؟

*هل تعلم أن: جبرائيل كان يعرض القرآن على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مرة كل عام، وعرضه عليه مرتان في عامه الأخير15؟

*هل تعلم أن: القرآن سيأتي على صورة إنسان يوم القيامة ويدافع عمن تلاه وأكرمه16؟

*هل تعلم أن: من سمع القرآن كتب الله له بكل حرف حسنة17؟

*هل تعلم أن: قراءة القرآن تزيد في الحفظ18؟

*هل تعلم أن: القرآن نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دفعة واحدة في شهر رمضان، وإن أتى تفصيله على مدى الـ: 23 سنة التي بلغ الرسالة فيها19؟

*هل تعلم أنه: بالإضافة إلى أن النبي عيسى مثل آدم عند الله كما في الآية: ((إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)) هما مثل بعضها في عدد الذكر في القرآن أيضا (ذكرا في القرآن 25 مرة كلاهما)20؟

*هل تعلم أن: الكلمة "معك" وردت في القرآن 11 مرة، وهذا هو نفسه عدد المرات التي وردت فيها كلمة "معي"21.

يتبع
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات الجمعة 20 مايو - 21:38:48



وينكم يااعضاء
دمعة تائب
دمعة تائب
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
مزاجي : تعـبانـة
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Unknow10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1303
الموقع: : .......
الأوســمــة : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Jb12915568671

حملة حياتي احلى بالقران الكريم  8Iq76134


حملة حياتي احلى بالقران الكريم  HNA01747


مُساهمةدمعة تائب الجمعة 20 مايو - 21:48:32



بارك الله فيكي حيات على المجهود المبذول .
واصلي ابداعك .

بانتظار مرور البقية
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات السبت 21 مايو - 15:17:02




اليوم حنبدا بسورة الفاتحة وتفسيرها

حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Attachment


سورة الفاتحة سمِّيت بذلك؛ لأنه افتتح بها القرآن الكريم؛ وقد قيل: إنها أول سورة نزلت كاملة..
هذه السورة قال العلماء: إنها تشتمل على مجمل معاني القرآن في التوحيد، والأحكام، والجزاء، وطرق بني آدم، وغير ذلك؛ ولذلك سمِّيت "أم القرآن"(47)؛ والمرجع للشيء يسمى "أُمّاً"..
وهذه السورة لها مميزات تتميّز بها عن غيرها؛ منها أنها ركن في الصلوات التي هي أفضل أركان الإسلام بعد الشهادتين: فلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب؛ ومنها أنها رقية: إذا قرئ بها على المريض شُفي بإذن الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال للذي قرأ على اللديغ، فبرئ: "وما يدريك أنها رقية"(48) ..
وقد ابتدع بعض الناس اليوم في هذه السورة بدعة، فصاروا يختمون بها الدعاء، ويبتدئون بها الخُطب ويقرؤونها عند بعض المناسبات .، وهذا غلط: تجده مثلاً إذا دعا، ثم دعا قال لمن حوله: "الفاتحة"، يعني اقرؤوا الفاتحة؛ وبعض الناس يبتدئ بها في خطبه، أو في أحواله . وهذا أيضاً غلط؛ لأن العبادات مبناها على التوقيف، والاتِّباع..

القرآن
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم)
التفسير:
قوله تعالى: { بسم الله الرحمن الرحيم }: الجار والمجرور متعلق بمحذوف؛ وهذا المحذوف يقَدَّر فعلاً متأخراً مناسباً؛ فإذا قلت: "باسم الله" وأنت تريد أن تأكل؛ تقدر الفعل: "باسم الله آكل"..
قلنا: إنه يجب أن يكون متعلقاً بمحذوف؛ لأن الجار والمجرور معمولان؛ ولا بد لكل معمول من عامل..
وقدرناه متأخراً لفائدتين:
الفائدة الأولى: التبرك بتقديم اسم الله عزّ وجل.
والفائدة الثانية: الحصر؛ لأن تأخير العامل يفيد الحصر، كأنك تقول: لا آكل باسم أحد متبركاً به، ومستعيناً به، إلا باسم الله عزّ وجلّ.
وقدرناه فعلاً؛ لأن الأصل في العمل الأفعال . وهذه يعرفها أهل النحو؛ ولهذا لا تعمل الأسماء إلا بشروط
وقدرناه مناسباً؛ لأنه أدلّ على المقصود؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "من لم يذبح فليذبح باسم الله"(49) . أو قال صلى الله عليه وسلم "على اسم الله"(50) : فخص الفعل..
و{ الله }: اسم الله رب العالمين لا يسمى به غيره؛ وهو أصل الأسماء؛ ولهذا تأتي الأسماء تابعة له..
و{ الرحمن } أي ذو الرحمة الواسعة؛ ولهذا جاء على وزن "فَعْلان" الذي يدل على السعة..
و{ الرحيم } أي الموصل للرحمة من يشاء من عباده؛ ولهذا جاءت على وزن "فعيل" الدال على وقوع الفعل.
فهنا رحمة هي صفته . هذه دل عليها { الرحمن }؛ ورحمة هي فعله . أي إيصال الرحمة إلى المرحوم . دلّ عليها { الرحيم }..
و{ الرحمن الرحيم }: اسمان من أسماء الله يدلان على الذات، وعلى صفة الرحمة، وعلى الأثر: أي الحكم الذي تقتضيه هذه الصفة..
والرحمة التي أثبتها الله لنفسه رحمة حقيقية دلّ عليها السمع، والعقل؛ أما السمع فهو ما جاء في الكتاب، والسنّة من إثبات الرحمة لله . وهو كثير جداً؛ وأما العقل: فكل ما حصل من نعمة، أو اندفع من نقمة فهو من آثار رحمة الله..
هذا وقد أنكر قوم وصف الله تعالى بالرحمة الحقيقية، وحرّفوها إلى الإنعام، أو إرادة الإنعام، زعماً منهم أن العقل يحيل وصف الله بذلك؛ قالوا: "لأن الرحمة انعطاف، ولين، وخضوع، ورقة؛ وهذا لا يليق بالله عزّ وجلّ"؛ والرد عليهم من وجهين:.
الوجه الأول: منع أن يكون في الرحمة خضوع، وانكسار، ورقة؛ لأننا نجد من الملوك الأقوياء رحمة دون أن يكون منهم خضوع، ورقة، وانكسار..
الوجه الثاني: أنه لو كان هذا من لوازم الرحمة، ومقتضياتها فإنما هي رحمة المخلوق؛ أما رحمة الخالق سبحانه وتعالى فهي تليق بعظمته، وجلاله، وسلطانه؛ ولا تقتضي نقصاً بوجه من الوجوه..
ثم نقول: إن العقل يدل على ثبوت الرحمة الحقيقية لله عزّ وجلّ، فإن ما نشاهده في المخلوقات من الرحمة بَيْنها يدل على رحمة الله عزّ وجلّ؛ ولأن الرحمة كمال؛ والله أحق بالكمال؛ ثم إن ما نشاهده من الرحمة التي يختص الله بها . كإنزال المطر، وإزالة الجدب، وما أشبه ذلك . يدل على رحمة الله..
والعجب أن منكري وصف الله بالرحمة الحقيقية بحجة أن العقل لا يدل عليها، أو أنه يحيلها، قد أثبتوا لله إرادة حقيقية بحجة عقلية أخفى من الحجة العقلية على رحمة الله، حيث قالوا: إن تخصيص بعض المخلوقات بما تتميز به يدل عقلاً على الإرادة؛ ولا شك أن هذا صحيح؛ ولكنه بالنسبة لدلالة آثار الرحمة عليها أخفى بكثير؛ لأنه لا يتفطن له إلا أهل النباهة؛ وأما آثار الرحمة فيعرفه حتى العوام، فإنك لو سألت عامياً صباح ليلة المطر: "بِمَ مطرنا؟"، لقال: "بفضل الله، ورحمته"..
مسألة:
هل البسملة آية من الفاتحة؛ أو لا؟
في هذا خلاف بين العلماء؛ فمنهم من يقول: إنها آية من الفاتحة، ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية، ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة؛ لأنها من الفاتحة؛ ومنهم من يقول: إنها ليست من الفاتحة؛ ولكنها آية مستقلة من كتاب الله؛ وهذا القول هو الحق؛ ودليل هذا: النص، وسياق السورة..
أما النص: فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: إذا قال: { الحمد لله رب العالمين } قال الله تعالى: حمدني عبدي؛ وإذا قال: { الرحمن الرحيم } قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي؛ وإذا قال: { مالك يوم الدين } قال الله تعالى: مجّدني عبدي؛ وإذا قال: { إياك نعبد وإياك نستعين } قال الله تعالى: هذا بيني وبين عبدي نصفين؛ وإذا قال: { اهدنا الصراط المستقيم }... إلخ، قال الله تعالى: هذا لعبدي؛ ولعبدي ما سأل"(51) ؛ وهذا كالنص على أن البسملة ليست من الفاتحة؛ وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "صلَّيت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر؛ فكانوا لا يذكرون { بسم الله الرحمن الرحيم } في أول قراءة، ولا في آخرها"(52) : والمراد لا يجهرون؛ والتمييز بينها وبين الفاتحة في الجهر وعدمه يدل على أنها ليست منها..
أما من جهة السياق من حيث المعنى: فالفاتحة سبع آيات بالاتفاق؛ وإذا أردت أن توزع سبع الآيات على موضوع السورة وجدت أن نصفها هو قوله تعالى: { إياك نعبد وإياك نستعين } وهي الآية التي قال الله فيها: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين"؛ لأن { الحمد لله رب العالمين }: واحدة؛ { الرحمن الرحيم }: الثانية؛ { مالك يوم الدين }: الثالثة؛ وكلها حق لله عزّ وجلّ { إياك نعبد وإياك نستعين }: الرابعة . يعني الوسَط؛ وهي قسمان: قسم منها حق لله؛ وقسم حق للعبد؛ { اهدنا الصراط المستقيم } للعبد؛ { صراط الذين أنعمت عليهم } للعبد؛ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } للعبد..
فتكون ثلاث آيات لله عزّ وجل وهي الثلاث الأولى؛ وثلاث آيات للعبد . وهي الثلاث الأخيرة؛ وواحدة بين العبد وربِّه . وهي الرابعة الوسطى..
ثم من جهة السياق من حيث اللفظ، فإذا قلنا: إن البسملة آية من الفاتحة لزم أن تكون الآية السابعة طويلة على قدر آيتين؛ ومن المعلوم أن تقارب الآية في الطول والقصر هو الأصل..
فالصواب الذي لا شك فيه أن البسملة ليست من الفاتحة . كما أن البسملة ليست من بقية السور..

القرآن
)الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

التفسير:.
قوله تعالى: { الحمد لله رب العالمين }: { الحمد } وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛ الكمال الذاتي، والوصفي، والفعلي؛ فهو كامل في ذاته، وصفاته، وأفعاله؛ ولا بد من قيد وهو "المحبة، والتعظيم" ؛ قال أهل العلم: "لأن مجرد وصفه بالكمال بدون محبة، ولا تعظيم: لا يسمى حمداً؛ وإنما يسمى مدحاً"؛ ولهذا يقع من إنسان لا يحب الممدوح؛ لكنه يريد أن ينال منه شيئاً؛ تجد بعض الشعراء يقف أمام الأمراء، ثم يأتي لهم بأوصاف عظيمة لا محبة فيهم؛ ولكن محبة في المال الذي يعطونه، أو خوفاً منهم؛ ولكن حمدنا لربنا عزّ وجلّ حمدَ محبةٍ، وتعظيمٍ؛ فلذلك صار لا بد من القيد في الحمد أنه وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛ و "أل" في { الحمد } للاستغراق: أي استغراق جميع المحامد..
وقوله تعالى: { لله }: اللام للاختصاص، والاستحقاق؛ و "الله" اسم ربنا عزّ وجلّ؛ لا يسمى به غيره؛ ومعناه: المألوه . أي المعبود حباً، وتعظيماً..
وقوله تعالى: { رب العالمين }؛ "الرب" : هو من اجتمع فيه ثلاثة أوصاف: الخلق، والملك، والتدبير؛ فهو الخالق المالك لكل شيء المدبر لجميع الأمور؛ و{ العالمين }: قال العلماء: كل ما سوى الله فهو من العالَم؛ وُصفوا بذلك؛ لأنهم عَلَم على خالقهم سبحانه وتعالى؛ ففي كل شيء من المخلوقات آية تدل على الخالق: على قدرته، وحكمته، ورحمته، وعزته، وغير ذلك من معاني ربوبيته..
الفوائد:
.1 من فوائد الآية: إثبات الحمد الكامل لله عزّ وجلّ، وذلك من "أل" في قوله تعالى: { الحمد }؛ لأنها دالة على الاستغراق..
.2 ومنها: أن الله تعالى مستحق مختص بالحمد الكامل من جميع الوجوه؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه ما يسره قال: "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات" ؛ وإذا أصابه خلاف ذلك قال: "الحمد لله على كل حال"[53] ..
.3 ومنها: تقديم وصف الله بالألوهية على وصفه بالربوبية؛ وهذا إما لأن "الله" هو الاسم العَلَم الخاص به، والذي تتبعه جميع الأسماء؛ وإما لأن الذين جاءتهم الرسل ينكرون الألوهية فقط..
.4 ومنها: عموم ربوبية الله تعالى لجميع العالم؛ لقوله تعالى: (العالمين.. )

القرآن
(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
التفسير:.
قوله تعالى: { الرحمن الرحيم }: { الرحمن } صفة للفظ الجلالة؛ و{ الرحيم } صفة أخرى؛ و{ الرحمن } هو ذو الرحمة الواسعة؛ و{ الرحيم } هو ذو الرحمة الواصلة؛ فـ{ الرحمن } وصفه؛ و{ الرحيم } فعله؛ ولو أنه جيء بـ "الرحمن" وحده، أو بـ "الرحيم" وحده لشمل الوصف، والفعل؛ لكن إذا اقترنا فُسِّر { الرحمن } بالوصف؛ و{ الرحيم } بالفعل..

الفوائد:
.1 من فوائد الآية: إثبات هذين الاسمين الكريمين . { الرحمن الرحيم } لله عزّ وجلّ؛ وإثبات ما تضمناه من الرحمة التي هي الوصف، ومن الرحمة التي هي الفعل..
.2 ومنها: أن ربوبية الله عزّ وجلّ مبنية على الرحمة الواسعة للخلق الواصلة؛ لأنه تعالى لما قال: { رب العالمين } كأن سائلاً يسأل: "ما نوع هذه الربوبية؟ هل هي ربوبية أخذ، وانتقام؛ أو ربوبية رحمة، وإنعام؟" قال تعالى: { الرحمن الرحيم }..


القـرآن
(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)
التفسير:
قوله تعالى: { مالك يوم الدين } صفة لـ{ الله }؛ و{ يوم الدين } هو يوم القيامة؛ و{ الدين } هنا بمعنى الجزاء؛ يعني أنه سبحانه وتعالى مالك لذلك اليوم الذي يجازى فيه الخلائق؛ فلا مالك غيره في ذلك اليوم؛ و "الدين" تارة يراد به الجزاء، كما في هذه الآية؛ وتارة يراد به العمل، كما في قوله تعالى: {لكم دينكم ولي دين} [الكافرون: 6] ، ويقال: "كما تدين تدان"، أي كما تعمل تُجازى..
وفي قوله تعالى: { مالك } قراءة سبعية: { مَلِك}، و "الملك" أخص من "المالك"..
وفي الجمع بين القراءتين فائدة عظيمة؛ وهي أن ملكه جلّ وعلا ملك حقيقي؛ لأن مِن الخلق مَن يكون ملكاً، ولكن ليس بمالك: يسمى ملكاً اسماً وليس له من التدبير شيء؛ ومِن الناس مَن يكون مالكاً، ولا يكون ملكاً: كعامة الناس؛ ولكن الرب عزّ وجلّ مالكٌ ملِك..
الفوائد:
.1 من فوائد الآية: إثبات ملك الله عزّ وجلّ، وملكوته يوم الدين؛ لأن في ذلك اليوم تتلاشى جميع الملكيات، والملوك..
فإن قال قائل: أليس مالك يوم الدين، والدنيا؟
فالجواب: بلى؛ لكن ظهور ملكوته، وملكه، وسلطانه، إنما يكون في ذلك اليوم؛ لأن الله تعالى ينادي: {لمن الملك اليوم} [غافر: 16] فلا يجيب أحد؛ فيقول تعالى: {لله الواحد القهار} [غافر: 16] ؛ في الدنيا يظهر ملوك؛ بل يظهر ملوك يعتقد شعوبهم أنه لا مالك إلا هم؛ فالشيوعيون مثلاً لا يرون أن هناك رباً للسموات، والأرض؛ يرون أن الحياة: أرحام تدفع، وأرض تبلع؛ وأن ربهم هو رئيسهم..
.2 ومن فوائد الآية: إثبات البعث، والجزاء؛ لقوله تعالى: ( مالك يوم الدين )
.3 ومنها: حث الإنسان على أن يعمل لذلك اليوم الذي يُدان فيه العاملون..

القـرآن
)إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
التفسير:
قوله تعالى: { إياك نعبد }؛ { إياك }: مفعول به مقدم؛ وعامله: { نعبد }؛ وقُدِّم على عامله لإفادة الحصر؛ فمعناه: لا نعبد إلا إياك؛ وكان منفصلاً لتعذر الوصل حينئذ؛ و{ نعبد } أي نتذلل لك أكمل ذلّ؛ ولهذا تجد المؤمنين يضعون أشرف ما في أجسامهم في موطئ الأقدام ذلاً لله عزّ وجلّ: يسجد على التراب؛ تمتلئ جبهته من التراب . كل هذا ذلاً لله؛ ولو أن إنساناً قال: "أنا أعطيك الدنيا كلها واسجد لي" ما وافق المؤمن أبداً؛ لأن هذا الذل لله عزّ وجلّ وحده..
و "العبادة" تتضمن فعل كل ما أمر الله به، وترك كل ما نهى الله عنه؛ لأن من لم يكن كذلك فليس بعابد: لو لم يفعل المأمور به لم يكن عابداً حقاً؛ ولو لم يترك المنهي عنه لم يكن عابداً حقاً؛ العبد: هو الذي يوافق المعبود في مراده الشرعي؛ فـ "العبادة" تستلزم أن يقوم الإنسان بكل ما أُمر به، وأن يترك كل ما نُهي عنه؛ ولا يمكن أن يكون قيامه هذا بغير معونة الله؛ ولهذا قال تعالى: { وإياك نستعين } أي لا نستعين إلا إياك على العبادة، وغيرها؛ و "الاستعانة" طلب العون؛ والله سبحانه وتعالى يجمع بين العبادة، والاستعانة، أو التوكل في مواطن عدة في القرآن الكريم؛ لأنه لا قيام بالعبادة على الوجه الأكمل إلا بمعونة الله، والتفويض إليه، والتوكل عليه..
الفوائد:
.1 من فوائد الآية: إخلاص العبادة لله؛ لقوله تعالى: { إياك نعبد }؛ وجه الإخلاص: تقديم المعمول..
.2 ومنها: إخلاص الاستعانة بالله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: { وإياك نستعين }، حيث قدم المفعول..
فإن قال قائل: كيف يقال: إخلاص الاستعانة لله وقد جاء في قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2] إثبات المعونة من غير الله عزّ وجلّ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعين الرجل في دابته، فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة"؟(54) ..
فالجواب: أن الاستعانة نوعان: استعانة تفويض؛ بمعنى أنك تعتمد على الله عزّ وجلّ، وتتبرأ من حولك، وقوتك؛ وهذا خاص بالله عزّ وجلّ؛ واستعانة بمعنى المشاركة فيما تريد أن تقوم به: فهذه جائزة إذا كان المستعان به حياً قادراً على الإعانة؛ لأنه ليس عبادة؛ ولهذا قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2 ].
فإن قال قائل: وهل الاستعانة بالمخلوق جائزة في جميع الأحوال؟
فالجواب: لا؛ الاستعانة بالمخلوق إنما تجوز حيث كان المستعان به قادراً عليها؛ وأما إذا لم يكن قادراً فإنه لا يجوز أن تستعين به: كما لو استعان بصاحب قبر فهذا حرام؛ بل شرك أكبر؛ لأن صاحب القبر لا يغني عن نفسه شيئاً؛ فكيف يعينه!!! وكما لو استعان بغائب في أمر لا يقدر عليه، مثل أن يعتقد أن الوليّ الذي في شرق الدنيا يعينه على مهمته في بلده: فهذا أيضاً شرك أكبر؛ لأنه لا يقدر أن يعينه وهو هناك..
فإن قال قائل: هل يجوز أن يستعين المخلوقَ فيما تجوز استعانته به؟
فالجواب: الأولى أن لا يستعين بأحد إلا عند الحاجة، أو إذا علم أن صاحبه يُسَر بذلك، فيستعين به من أجل إدخال السرور عليه؛ وينبغي لمن طلبت منه الإعانة على غير الإثم والعدوان أن يستجيب لذلك..

القـرآن
(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)
التفسير:
قوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم }: { الصراط } فيه قراءتان: بالسين: {السراط} ، وبالصاد الخالصة: { الصراط }؛ والمراد بـ{ الصراط } الطريق؛ والمراد بـ "الهداية" هداية الإرشاد، وهداية التوفيق؛ فأنت بقولك: { اهدنا الصراط المستقيم } تسأل الله تعالى علماً نافعاً، وعملاً صالحاً؛ و{ المستقيم } أي الذي لا اعوجاج فيه..
الفوائد:
.1 من فوائد الآية: لجوء الإنسان إلى الله عزّ وجلّ بعد استعانته به على العبادة أن يهديه الصراط المستقيم؛ لأنه لا بد في العبادة من إخلاص؛ يدل عليه قوله تعالى: { إياك نعبد }؛ ومن استعانة يتقوى بها على العبادة؛ يدل عليه قوله تعالى: { وإياك نستعين }؛ ومن اتباع للشريعة؛ يدل عليه قوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم }؛ لأن { الصراط المستقيم } هو الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
.2 ومن فوائد الآية: بلاغة القرآن، حيث حذف حرف الجر من { اهدنا }؛ والفائدة من ذلك: لأجل أن تتضمن طلب الهداية: التي هي هداية العلم، وهداية التوفيق؛ لأن الهداية تنقسم إلى قسمين: هداية علم، وإرشاد؛ وهداية توفيق، وعمل؛ فالأولى ليس فيها إلا مجرد الدلالة؛ والله عزّ وجلّ قد هدى بهذا المعنى جميع الناس، كما في قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدًى للناس} [البقرة: 185] ؛ والثانية فيها التوفيق للهدى، واتباع الشريعة، كما في قوله تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدًى للمتقين} [البقرة: 2] وهذه قد يحرمها بعض الناس، كما قال تعالى: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى} [فصلت: 17] : {فهديناهم} أي بيّنّا لهم الحق، ودَلَلْناهم عليه؛ ولكنهم لم يوفقوا..
.3 ومن فوائد الآية: أن الصراط ينقسم إلى قسمين: مستقيم، ومعوج؛ فما كان موافقاً للحق فهو مستقيم، كما قال الله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه} [الأنعام: 153] ؛ وما كان مخالفاً له فهو معوج..

القرآن
)صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)
التفسير:.
قوله تعالى: { صراط الذين أنعمت عليهم } عطف بيان لقوله تعالى: { الصراط المستقيم }؛ والذين أنعم الله عليهم هم المذكورون في قوله تعالى: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً} (النساء: 69).
قوله تعالى: { غير المغضوب عليهم }: هم اليهود، وكل من علم بالحق ولم يعمل به..
قوله تعالى: { ولا الضالين }: هم النصارى قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وكل من عمل بغير الحق جاهلاً به..
وفي قوله تعالى: { عليهم } قراءتان سبعيتان: إحداهما ضم الهاء؛ والثانية كسرها؛ واعلم أن القراءة التي ليست في المصحف الذي بين أيدي الناس لا تنبغي القراءة بها عند العامة لوجوه ثلاثة:.
الوجه الأول: أن العامة إذا رأوا هذا القرآن العظيم الذي قد ملأ قلوبهم تعظيمه، واحترامه إذا رأوه مرةً كذا، ومرة كذا تنزل منزلته عندهم؛ لأنهم عوام لا يُفرقون..
الوجه الثاني: أن القارئ يتهم بأنه لا يعرف؛ لأنه قرأ عند العامة بما لا يعرفونه؛ فيبقى هذا القارئ حديث العوام في مجالسهم..
الوجه الثالث: أنه إذا أحسن العامي الظن بهذا القارئ، وأن عنده علماً بما قرأ، فذهب يقلده، فربما يخطئ، ثم يقرأ القرآن لا على قراءة المصحف، ولا على قراءة التالي الذي قرأها . وهذه مفسدة..
ولهذا قال عليّ: "حدِّثوا الناس بما يعرفون؛ أتحبون أن يُكذب الله، ورسوله"(55) ، وقال ابن مسعود: "إنك لا تحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة"(56) ؛ وعمر بن الخطاب لما سمع هشام بن الحكم يقرأ آية لم يسمعها عمر على الوجه الذي قرأها هشام خاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهشام: "اقرأ" ، فلما قرأ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هكذا أنزلت" ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: "اقرأ" ، فلما قرأ قال النبي صلى الله عليه وسلم "هكذا أنزلت"(57) ؛ لأن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فكان الناس يقرؤون بها حتى جمعها عثمان رضي الله عنه على حرف واحد حين تنازع الناس في هذه الأحرف، فخاف رضي الله عنه أن يشتد الخلاف، فجمعها في حرف واحد . وهو حرف قريش؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم الذي نزل عليه القرآن بُعث منهم؛ ونُسيَت الأحرف الأخرى؛ فإذا كان عمر رضي الله عنه فعل ما فعل بصحابي، فما بالك بعامي يسمعك تقرأ غير قراءة المصحف المعروف عنده! والحمد لله: ما دام العلماء متفقين على أنه لا يجب أن يقرأ الإنسان بكل قراءة، وأنه لو اقتصر على واحدة من القراءات فلا بأس؛ فدع الفتنة، وأسبابها..
الفوائد:
.1 من فوائد الآيتين: ذكر التفصيل بعد الإجمال؛ لقوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم }: وهذا مجمل؛ (صراط الذين أنعمت عليهم ): وهذا مفصل؛ لأن الإجمال، ثم التفصيل فيه فائدة: فإن النفس إذا جاء المجمل تترقب، وتتشوف للتفصيل، والبيان؛ فإذا جاء التفصيل ورد على نفس مستعدة لقبوله متشوفة إليه؛ ثم فيه فائدة ثانية هنا: وهو بيان أن الذين أنعم الله عليهم على الصراط المستقيم..
.2 ومنها: إسناد النعمة إلى الله تعالى وحده في هداية الذين أنعم عليهم؛ لأنها فضل محض من الله..
.3 ومنها: انقسام الناس إلى ثلاثة أقسام: قسم أنعم الله عليهم؛ وقسم مغضوب عليهم؛ وقسم ضالون؛ وقد سبق بيان هذه الأقسام..
وأسباب الخروج عن الصراط المستقيم: إما الجهل؛ أو العناد؛ والذين سببُ خروجهم العناد هم المغضوب عليهم . وعلى رأسهم اليهود؛ والآخرون الذين سبب خروجهم الجهل كل من لا يعلم الحق . وعلى رأسهم النصارى؛ وهذا بالنسبة لحالهم قبل البعثة . أعني النصارى؛ أما بعد البعثة فقد علموا الحق، وخالفوه؛ فصاروا هم، واليهود سواءً . كلهم مغضوب عليهم..
.4 ومن فوائد الآيتين: بلاغة القرآن، حيث جاء التعبير عن المغضوب عليهم باسم المفعول الدال على أن الغضب عليهم حاصل من الله تعالى، ومن أوليائه..
.5 ومنها: أنه يقدم الأشد، فالأشد؛ لأنه تعالى قدم المغضوب عليهم على الضالين؛ لأنهم أشد مخالفة للحق من الضالين؛ فإن المخالف عن علم يصعب رجوعه . بخلاف المخالف عن جهل..
وعلى كل حال السورة هذه عظيمة؛ ولا يمكن لا لي، ولا لغيري أن يحيط بمعانيها العظيمة؛ لكن هذا قطرة من بحر؛ ومن أراد التوسع في ذلك فعليه بكتاب "مدارج السالكين" لابن القيم رحمه الله..

من موقع ابن عثيمين
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات السبت 21 مايو - 15:20:02



ماجمل ان تكون حافظا للقران
abeer^
abeer^
عضو مطرود
عضو مطرود
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : قسم الاعضاء
شخصيتي المفضلة: : شينــدوؤ & فييــٍديـوؤ
مزاجي : قاعـده بصمم
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Collec10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 3112
العمر : 26
الموقع: : الــسـعــوؤدييـهـ
الأوســمــة : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Jb12915568671

حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Up13073200561

حملة حياتي احلى بالقران الكريم  V3e75764
المشرفة المميزة لهذا الشهر

مُساهمةabeer^ السبت 21 مايو - 18:09:44



موضوع في قمة الخيااال
طرحت فابدعت
د
مت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك الشيق
لك خالص حبي وأشواقي
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك .

لكـ خالص احترامي .
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات السبت 21 مايو - 19:17:58



سشكرا حبي خليكي بانتظار لتفسير سورة البقرة
abeer^
abeer^
عضو مطرود
عضو مطرود
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : قسم الاعضاء
شخصيتي المفضلة: : شينــدوؤ & فييــٍديـوؤ
مزاجي : قاعـده بصمم
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Collec10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 3112
العمر : 26
الموقع: : الــسـعــوؤدييـهـ
الأوســمــة : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Jb12915568671

حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Up13073200561

حملة حياتي احلى بالقران الكريم  V3e75764
المشرفة المميزة لهذا الشهر

مُساهمةabeer^ السبت 21 مايو - 19:53:26



أوكــ حبيببـتي أنــا أنتضــرها
تبغين مساعدهـ حبيبــتي
^ــ^ .
دمعة تائب
دمعة تائب
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
مزاجي : تعـبانـة
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Unknow10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1303
الموقع: : .......
الأوســمــة : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Jb12915568671

حملة حياتي احلى بالقران الكريم  8Iq76134


حملة حياتي احلى بالقران الكريم  HNA01747


مُساهمةدمعة تائب السبت 21 مايو - 19:58:14



جزاك الله كل خير على المجهود المبذول .
في ميزان حسناتك .
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات الإثنين 23 مايو - 22:34:01



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

تفسير سورة البقرة

الجزء الأول

وهي مدنية ‏[‏1 ـ 5‏]‏ ‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {‏الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏}‏

تقدم الكلام على البسملة‏.‏ وأما الحروف المقطعة في أوائل السور‏,‏ فالأسلم فيها‏,‏ السكوت عن التعرض لمعناها ‏[‏من غير مستند شرعي‏]‏‏,‏ مع الجزم بأن الله تعالى لم ينزلها عبثًا بل لحكمة لا نعلمها‏.‏
وقوله ‏{‏ذَلِكَ الْكِتَابُ‏}‏

أي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة‏,‏ المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين والمتأخرين من العلم العظيم‏,‏ والحق المبين‏.‏ فـ ‏
{‏لَا رَيْبَ فِيهِ‏}‏
ولا شك بوجه من الوجوه، ونفي الريب عنه‏,‏ يستلزم ضده‏,‏ إذ ضد الريب والشك اليقين، فهذا الكتاب مشتمل على علم اليقين المزيل للشك والريب‏.‏ وهذه قاعدة مفيدة‏,‏ أن النفي المقصود به المدح‏,‏ لا بد أن يكون متضمنا لضدة‏,‏ وهو الكمال‏,‏ لأن النفي عدم‏,‏ والعدم المحض‏,‏ لا مدح فيه‏.‏
فلما اشتمل على اليقين وكانت الهداية لا تحصل إلا باليقين قال‏:‏ ‏{‏هُدًى لِلْمُتَّقِينَ‏}‏

والهدى‏:‏ ما تحصل به الهداية من الضلالة والشبه، وما به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة‏.‏ وقال ‏{‏هُدًى‏}‏ وحذف المعمول‏,‏ فلم يقل هدى للمصلحة الفلانية‏,‏ ولا للشيء الفلاني‏,‏ لإرادة العموم‏,‏ وأنه هدى لجميع مصالح الدارين، فهو مرشد للعباد في المسائل الأصولية والفروعية‏,‏ ومبين للحق من الباطل‏,‏ والصحيح من الضعيف‏,‏ ومبين لهم كيف يسلكون الطرق النافعة لهم‏,‏ في دنياهم وأخراهم‏.‏
وقال في موضع آخر‏:‏ ‏{‏هُدًى لِلنَّاسِ‏}‏ فعمم‏.‏ وفي هذا الموضع وغيره ‏{‏هُدًى لِلْمُتَّقِينَ‏}‏ لأنه في نفسه هدى لجميع الخلق‏.‏ فالأشقياء لم يرفعوا به رأسا‏.‏ ولم يقبلوا هدى الله‏,‏ فقامت عليهم به الحجة‏,‏ ولم ينتفعوا به لشقائهم، وأما المتقون الذين أتوا بالسبب الأكبر‏,‏ لحصول الهداية‏,‏ وهو التقوى التي حقيقتها‏:‏ اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه‏,‏ بامتثال أوامره‏,‏ واجتناب النواهي‏,‏ فاهتدوا به‏,‏ وانتفعوا غاية الانتفاع‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا‏}‏ فالمتقون هم المنتفعون بالآيات القرآنية‏,‏ والآيات الكونية‏.‏
ولأن الهداية نوعان‏:‏ هداية البيان‏,‏ وهداية التوفيق‏.‏ فالمتقون حصلت لهم الهدايتان‏,‏ وغيرهم لم تحصل لهم هداية التوفيق‏.‏ وهداية البيان بدون توفيق للعمل بها‏,‏ ليست هداية حقيقية ‏[‏تامة‏]‏‏.‏
ثم وصف المتقين بالعقائد والأعمال الباطنة‏,‏ والأعمال الظاهرة‏,‏ لتضمن التقوى لذلك فقال‏:‏ ‏
{‏الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ‏}‏

حقيقة الإيمان‏:‏ هو التصديق التام بما أخبرت به الرسل‏,‏ المتضمن لانقياد الجوارح، وليس الشأن في الإيمان بالأشياء المشاهدة بالحس‏,‏ فإنه لا يتميز بها المسلم من الكافر‏.‏ إنما الشأن في الإيمان بالغيب‏,‏ الذي لم نره ولم نشاهده‏,‏ وإنما نؤمن به‏,‏ لخبر الله وخبر رسوله‏.‏ فهذا الإيمان الذي يميز به المسلم من الكافر‏,‏ لأنه تصديق مجرد لله ورسله‏.‏ فالمؤمن يؤمن بكل ما أخبر الله به‏,‏ أو أخبر به رسوله‏,‏ سواء شاهده‏,‏ أو لم يشاهده وسواء فهمه وعقله‏,‏ أو لم يهتد إليه عقله وفهمه‏.‏ بخلاف الزنادقة والمكذبين بالأمور الغيبية‏,‏ لأن عقولهم القاصرة المقصرة لم تهتد إليها فكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ففسدت عقولهم‏,‏ ومرجت أحلامهم‏.‏ وزكت عقول المؤمنين المصدقين المهتدين بهدى الله‏.‏
ويدخل في الإيمان بالغيب‏,‏ ‏[‏الإيمان بـ‏]‏ بجميع ما أخبر الله به من الغيوب الماضية والمستقبلة‏,‏ وأحوال الآخرة‏,‏ وحقائق أوصاف الله وكيفيتها‏,‏ ‏[‏وما أخبرت به الرسل من ذلك‏]‏ فيؤمنون بصفات الله ووجودها‏,‏ ويتيقنونها‏,‏ وإن لم يفهموا كيفيتها‏.‏
ثم قال‏:‏ ‏{‏وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ‏}‏

لم يقل‏:‏ يفعلون الصلاة‏,‏ أو يأتون بالصلاة‏,‏ لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان بصورتها الظاهرة‏.‏ فإقامة الصلاة‏,‏ إقامتها ظاهرا‏,‏ بإتمام أركانها‏,‏ وواجباتها‏,‏ وشروطها‏.‏ وإقامتها باطنا بإقامة روحها‏,‏ وهو حضور القلب فيها‏,‏ وتدبر ما يقوله ويفعله منها، فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها‏:‏ ‏{‏إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ‏}‏ وهي التي يترتب عليها الثواب‏.‏ فلا ثواب للإنسان من صلاته‏,‏ إلا ما عقل منها، ويدخل في الصلاة فرائضها ونوافلها‏.‏
ثم قال‏:‏ ‏{‏وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ‏}
‏ يدخل فيه النفقات الواجبة كالزكاة‏,‏ والنفقة على الزوجات والأقارب‏,‏ والمماليك ونحو ذلك‏.‏ والنفقات المستحبة بجميع طرق الخير‏.‏ ولم يذكر المنفق عليهم‏,‏ لكثرة أسبابه وتنوع أهله‏,‏ ولأن النفقة من حيث هي‏,‏ قربة إلى الله، وأتى بـ ‏"‏من‏"‏ الدالة على التبعيض‏,‏ لينبههم أنه لم يرد منهم إلا جزءا يسيرا من أموالهم‏,‏ غير ضار لهم ولا مثقل‏,‏ بل ينتفعون هم بإنفاقه‏,‏ وينتفع به إخوانهم‏.‏
وفي قوله‏:‏ ‏{‏رَزَقْنَاهُمْ‏}‏ إشارة إلى أن هذه الأموال التي بين أيديكم‏,‏ ليست حاصلة بقوتكم وملككم‏,‏ وإنما هي رزق الله الذي خولكم‏,‏ وأنعم به عليكم، فكما أنعم عليكم وفضلكم على كثير من عباده‏,‏ فاشكروه بإخراج بعض ما أنعم به عليكم‏,‏ وواسوا إخوانكم المعدمين‏.‏
وكثيرًا ما يجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن‏,‏ لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود‏,‏ والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود‏,‏ وسعيه في نفع الخلق، كما أن عنوان شقاوة العبد عدم هذين الأمرين منه‏,‏ فلا إخلاص ولا إحسان‏.‏
ثم قال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ‏}‏

وهو القرآن والسنة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ‏}‏ فالمتقون يؤمنون بجميع ما جاء به الرسول‏,‏ ولا يفرقون بين بعض ما أنزل إليه‏,‏ فيؤمنون ببعضه‏,‏ ولا يؤمنون ببعضه‏,‏ إما بجحده أو تأويله‏,‏ على غير مراد الله ورسوله‏,‏ كما يفعل ذلك من يفعله من المبتدعة‏,‏ الذين يؤولون النصوص الدالة على خلاف قولهم‏,‏ بما حاصله عدم التصديق بمعناها‏,‏ وإن صدقوا بلفظها‏,‏ فلم يؤمنوا بها إيمانا حقيقيا‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ‏}‏
يشمل الإيمان بالكتب السابقة، ويتضمن الإيمان بالكتب الإيمان بالرسل وبما اشتملت عليه‏,‏ خصوصًا التوراة والإنجيل والزبور، وهذه خاصية المؤمنين يؤمنون بجميع الكتب السماوية وبجميع الرسل فلا يفرقون بين أحد منهم‏.‏
ثم قال‏:‏ ‏{‏وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ‏}‏
و ‏"‏الآخرة‏"‏ اسم لما يكون بعد الموت، وخصه ‏[‏بالذكر‏]‏ بعد العموم‏,‏ لأن الإيمان باليوم الآخر‏,‏ أحد أركان الإيمان؛ ولأنه أعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل، و ‏"‏اليقين‏"‏ هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك‏,‏ الموجب للعمل‏.‏
‏{‏أُولَئِكَ‏}‏ أي‏:‏
الموصوفون بتلك الصفات الحميدة
‏{‏عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ‏}‏ أي‏:‏ على هدى عظيم‏,‏ لأن التنكير للتعظيم، وأي هداية أعظم من تلك الصفات المذكورة المتضمنة للعقيدة الصحيحة والأعمال المستقيمة، وهل الهداية ‏[‏الحقيقية‏]‏ إلا هدايتهم، وما سواها ‏[‏مما خالفها‏]‏، فهو ضلالة‏.‏
وأتى بـ ‏"‏على‏"‏ في هذا الموضع‏,‏ الدالة على الاستعلاء‏,‏ وفي الضلالة يأتي ب ـ ‏"‏في‏"‏ كما في قوله‏:‏ ‏{‏وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ‏}‏ لأن صاحب الهدى مستعل بالهدى‏,‏ مرتفع به‏,‏ وصاحب الضلال منغمس فيه محتقر‏.‏
ثم قال‏:‏ ‏{‏وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏}‏

والفلاح ‏[‏هو‏]‏ الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب، حصر الفلاح فيهم؛ لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم‏,‏ وما عدا تلك السبيل‏,‏ فهي سبل الشقاء والهلاك والخسار التي تفضي بسالكها إلى الهلاك‏.‏




يتبع ان شاء الله


عدل سابقا من قبل دمعة تائب في الإثنين 23 مايو - 23:30:39 عدل 1 مرات (السبب : للتنسيق)
دمعة تائب
دمعة تائب
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
مزاجي : تعـبانـة
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Unknow10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1303
الموقع: : .......
الأوســمــة : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Jb12915568671

حملة حياتي احلى بالقران الكريم  8Iq76134


حملة حياتي احلى بالقران الكريم  HNA01747


مُساهمةدمعة تائب الإثنين 23 مايو - 23:27:48



بارك الله فيكي على المجهود الرائع .
في ميزان حسناتك .
مڷكـﮧ بحسآسـﮯ
مڷكـﮧ بحسآسـﮯ
مشرفة قسم Ҝǿгέặ و Ĵάραи - وقسم البلاك بيري
مشرفة قسم Ҝǿгέặ و Ĵάραи - وقسم البلاك بيري
لوني المفضل : احمر
مزاجي : هآهآ
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Unknow10
الدولهـ : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  127
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1295
الموقع: : فيـ قلبــ من احب
الأوســمــة : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Jb12915568671

حملة حياتي احلى بالقران الكريم  93Y01917

حملة حياتي احلى بالقران الكريم  4I875764
العضوة المميزة لهذا الشهر


مُساهمةمڷكـﮧ بحسآسـﮯ الثلاثاء 24 مايو - 13:36:13



وآآآآآآآآآآآوحمله ولا اررروع
صراحه الموضوع هو اللي شدني
ان شاء الله يكون في ميزان حسناتك ياقلبي
وتسلم الايادي
تحياتي
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات الثلاثاء 24 مايو - 22:36:05



شكرا حبيباتي جزاكن الله خيرا
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات الثلاثاء 24 مايو - 23:53:08



عشان اللي ردو الهم التكملة ارجو ان تكونو استفدتو من الحملة اقراو القران ول ساعة في اليوم فلن تخسرواشيئا بل ستربحوا اليس كذلك

[‏6 ـ 7‏]‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏

فلهذا لما ذكر صفات المؤمنين حقًا‏,‏ ذكر صفات الكفار المظهرين لكفرهم، المعاندين للرسول فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏ يخبر تعالى أن الذين كفروا‏,‏ أي‏:‏ اتصفوا بالكفر‏,‏ وانصبغوا به‏,‏ وصار وصفًا لهم لازمًا‏,‏ لا يردعهم عنه رادع‏,‏ ولا ينجع فيهم وعظ، إنهم مستمرون على كفرهم‏,‏ فسواء عليهم أأنذرتهم‏,‏ أم لم تنذرهم لا يؤمنون، وحقيقة الكفر‏:‏ هو الجحود لما جاء به الرسول‏,‏ أو جحد بعضه، فهؤلاء الكفار لا تفيدهم الدعوة إلا إقامة الحجة‏,‏ وكأن في هذا قطعا لطمع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في إيمانهم‏,‏ وأنك لا تأس عليهم‏,‏ ولا تذهب نفسك عليهم حسرات‏.‏
ثم ذكر الموانع المانعة لهم من الإيمان فقال‏:‏ ‏{‏خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ طبع عليها بطابع لا يدخلها الإيمان‏,‏ ولا ينفذ فيها، فلا يعون ما ينفعهم‏,‏ ولا يسمعون ما يفيدهم‏.‏
‏{‏وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ‏}‏ أي‏:‏ غشاء وغطاء وأكنة تمنعها عن النظر الذي ينفعهم‏,‏ وهذه طرق العلم والخير‏,‏ قد سدت عليهم‏,‏ فلا مطمع فيهم‏,‏ ولا خير يرجى عندهم، وإنما منعوا ذلك‏,‏ وسدت عنهم أبواب الإيمان بسبب كفرهم وجحودهم ومعاندتهم بعد ما تبين لهم الحق‏,‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ‏}‏ وهذا عقاب عاجل‏.‏
ثم ذكر العقاب الآجل، فقال‏:‏ ‏{‏وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏ وهو عذاب النار‏,‏ وسخط الجبار المستمر الدائم‏.‏
ثم قال تعالى في وصف المنافقين الذين ظاهرهم الإسلام وباطنهم الكفر فقال‏:‏
‏[‏8 ـ 10‏]‏ ‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ‏}‏
واعلم أن النفاق هو‏:‏ إظهار الخير وإبطان الشر، ويدخل في هذا التعريف النفاق الاعتقادي‏,‏ والنفاق العملي، كالذي ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قوله‏:‏ ‏(‏آية المنافق ثلات‏:‏ إذا حدث كذب‏,‏ وإذا وعد أخلف‏,‏ وإذا اؤتمن خان‏)‏ وفي رواية‏:‏ ‏(‏وإذا خاصم فجر‏)‏‏.‏
وأما النفاق الاعتقادي المخرج عن دائرة الإسلام‏,‏ فهو الذي وصف الله به المنافقين في هذه السورة وغيرها، ولم يكن النفاق موجودًا قبل هجرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏[‏من مكة‏]‏ إلى المدينة‏,‏ وبعد أن هاجر‏,‏ فلما كانت وقعة ‏"‏بدر‏"‏ وأظهر الله المؤمنين وأعزهم، ذل من في المدينة ممن لم يسلم‏,‏ فأظهر بعضهم الإسلام خوفًا ومخادعة‏,‏ ولتحقن دماؤهم‏,‏ وتسلم أموالهم‏,‏ فكانوا بين أظهر المسلمين في الظاهر أنهم منهم‏,‏ وفي الحقيقة ليسوا منهم‏.‏
فمن لطف الله بالمؤمنين‏,‏ أن جلا أحوالهم ووصفهم بأوصاف يتميزون بها‏,‏ لئلا يغتر بهم المؤمنون‏,‏ ولينقمعوا أيضًا عن كثير من فجورهم ‏[‏قال تعالى‏]‏‏:‏ ‏{‏يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ‏}‏ فوصفهم الله بأصل النفاق فقال‏:‏ ‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ‏}‏ فإنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، فأكذبهم الله بقوله‏:‏ ‏{‏وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ‏}‏ لأن الإيمان الحقيقي‏,‏ ما تواطأ عليه القلب واللسان‏,‏ وإنما هذا مخادعة لله ولعباده المؤمنين‏.‏
والمخادعة‏:‏ أن يظهر المخادع لمن يخادعه شيئًا‏,‏ ويبطن خلافه لكي يتمكن من مقصوده ممن يخادع، فهؤلاء المنافقون‏,‏ سلكوا مع الله وعباده هذا المسلك‏,‏ فعاد خداعهم على أنفسهم، فإن هذا من العجائب؛ لأن المخادع‏,‏ إما أن ينتج خداعه ويحصل له ما يريد أو يسلم‏,‏ لا له ولا عليه، وهؤلاء عاد خداعهم عليهم‏,‏ وكأنهم يعملون ما يعملون من المكر لإهلاك أنفسهم وإضرارها وكيدها؛ لأن الله تعالى لا يتضرر بخداعهم ‏[‏شيئًا‏]‏ وعباده المؤمنون‏,‏ لا يضرهم كيدهم شيئًا، فلا يضر المؤمنين أن أظهر المنافقون الإيمان‏,‏ فسلمت بذلك أموالهم وحقنت دماؤهم‏,‏ وصار كيدهم في نحورهم‏,‏ وحصل لهم بذلك الخزي والفضيحة في الدنيا‏,‏ والحزن المستمر بسبب ما يحصل للمؤمنين من القوة والنصرة‏.‏
ثم في الآخرة لهم العذاب الأليم الموجع المفجع‏,‏ بسبب كذبهم وكفرهم وفجورهم‏,‏ والحال أنهم من جهلهم وحماقتهم لا يشعرون بذلك‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ‏}‏ والمراد بالمرض هنا‏:‏ مرض الشك والشبهات والنفاق، لأن القلب يعرض له مرضان يخرجانه عن صحته واعتداله‏:‏ مرض الشبهات الباطلة‏,‏ ومرض الشهوات المردية، فالكفر والنفاق والشكوك والبدع‏,‏ كلها من مرض الشبهات، والزنا‏,‏ ومحبة ‏[‏الفواحش و‏]‏ المعاصي وفعلها‏,‏ من مرض الشهوات ، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ‏}‏ وهي شهوة الزنا، والمعافى من عوفي من هذين المرضين‏,‏ فحصل له اليقين والإيمان‏,‏ والصبر عن كل معصية‏,‏ فرفل في أثواب العافية‏.‏
وفي قوله عن المنافقين‏:‏ ‏{‏فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا‏}‏ بيان لحكمته تعالى في تقدير المعاصي على العاصين‏,‏ وأنه بسبب ذنوبهم السابقة‏,‏ يبتليهم بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ‏}‏ فعقوبة المعصية‏,‏ المعصية بعدها‏,‏ كما أن من ثواب الحسنة‏,‏ الحسنة بعدها، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى‏}‏

‏[‏11 ـ 12‏]‏ ‏{‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ‏}‏
أي‏:‏ إذا نهي هؤلاء المنافقون عن الإفساد في الأرض‏,‏ وهو العمل بالكفر والمعاصي‏,‏ ومنه إظهار سرائر المؤمنين لعدوهم وموالاتهم للكافرين ‏{‏قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ‏}‏ فجمعوا بين العمل بالفساد في الأرض‏,‏ وإظهارهم أنه ليس بإفساد بل هو إصلاح‏,‏ قلبا للحقائق‏,‏ وجمعا بين فعل الباطل واعتقاده حقًا، وهذا أعظم جناية ممن يعمل بالمعصية‏,‏ مع اعتقاد أنها معصية فهذا أقرب للسلامة‏,‏ وأرجى لرجوعه‏.‏
ولما كان في قولهم‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ‏}‏ حصر للإصلاح في جانبهم ـ وفي ضمنه أن المؤمنين ليسوا من أهل الإصلاح ـ قلب الله عليهم دعواهم بقوله‏:‏ ‏{‏ألا إنهم هم المفسدون‏}‏ فإنه لا أعظم فسادًا ممن كفر بآيات الله‏,‏ وصد عن سبيل الله، وخادع الله وأولياءه‏,‏ ووالى المحاربين لله ورسوله‏,‏ وزعم مع ذلك أن هذا إصلاح‏,‏ فهل بعد هذا الفساد فساد‏؟‏ ولكن لا يعلمون علمًا ينفعهم‏,‏ وإن كانوا قد علموا بذلك علما تقوم به عليهم حجة الله، وإنما كان العمل بالمعاصي في الأرض إفسادًا‏,‏ لأنه يتضمن فساد ما على وجه الأرض من الحبوب والثمار والأشجار‏,‏ والنبات‏,‏ بما يحصل فيها من الآفات بسبب المعاصي، ولأن الإصلاح في الأرض أن تعمر بطاعة الله والإيمان به‏,‏ لهذا خلق الله الخلق‏,‏ وأسكنهم في الأرض‏,‏ وأدر لهم الأرزاق‏,‏ ليستعينوا بها على طاعته ‏[‏وعبادته‏]‏، فإذا عمل فيها بضده‏,‏ كان سعيا فيها بالفساد فيها‏,‏ وإخرابا لها عما خلقت له‏.‏


يتبع ان شاء الله

من موقع ابن عثمين وابن باز
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات الأربعاء 25 مايو - 17:51:44



هل تقراون هذه الحملة بالله عليكم هذه الحملة فعلتها لتعرفون قيمة القران واياته وتفسيره
المحققة ايليتا
المحققة ايليتا
عضو ذكي
عضو ذكي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : كل الأقسام
مزاجي : حـ أوف ـر
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 956
الموقع: : كونان
الأوســمــة : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Jb12915568671

مُساهمةالمحققة ايليتا الأربعاء 25 مايو - 18:09:29



شكراا
كتتير
مرررة كلام رائع
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات الأربعاء 25 مايو - 18:30:22



شكرا حبي بوجودك نورت الحملة
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات الخميس 26 مايو - 23:44:00



[‏13‏]‏ ‏{‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ‏}‏ أي‏:‏ إذا قيل للمنافقين آمنوا كما آمن الناس‏,‏ أي‏:‏ كإيمان الصحابة رضي الله عنهم، وهو الإيمان بالقلب واللسان‏,‏ قالوا بزعمهم الباطل‏:‏ أنؤمن كما آمن السفهاء‏؟‏ يعنون ـ قبحهم الله ـ الصحابة رضي الله عنهم‏,‏ بزعمهم أن سفههم أوجب لهم الإيمان‏,‏ وترك الأوطان‏,‏ ومعاداة الكفار، والعقل عندهم يقتضي ضد ذلك‏,‏ فنسبوهم إلى السفه‏;‏ وفي ضمنه أنهم هم العقلاء أرباب الحجى والنهى‏.‏
فرد الله ذلك عليهم‏,‏ وأخبر أنهم هم السفهاء على الحقيقة‏,‏ لأن حقيقة السفه جهل الإنسان بمصالح نفسه‏,‏ وسعيه فيما يضرها‏,‏ وهذه الصفة منطبقة عليهم وصادقة عليهم، كما أن العقل والحجا‏,‏ معرفة الإنسان بمصالح نفسه‏,‏ والسعي فيما ينفعه‏,‏ و‏[‏في‏]‏ دفع ما يضره، وهذه الصفة منطبقة على ‏[‏الصحابة و‏]‏المؤمنين وصادقة عليهم، فالعبرة بالأوصاف والبرهان‏,‏ لا بالدعاوى المجردة‏,‏ والأقوال الفارغة‏.‏
ثم قال تعالى‏:‏ ‏[‏14 ـ 15‏]‏ ‏{‏وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ‏}‏
هذا من قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، و‏[‏ذلك‏]‏ أنهم إذا اجتمعوا بالمؤمنين‏,‏ أظهروا أنهم على طريقتهم وأنهم معهم‏,‏ فإذا خلوا إلى شياطينهم ـ أي‏:‏ رؤسائهم وكبرائهم في الشر ـ قالوا‏:‏ إنا معكم في الحقيقة‏,‏ وإنما نحن مستهزءون بالمؤمنين بإظهارنا لهم‏,‏ أنا على طريقتهم، فهذه حالهم الباطنة والظاهرة‏,‏ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله‏.‏
قال تعالى‏:‏ ‏{‏اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ‏}‏ وهذا جزاء لهم‏,‏ على استهزائهم بعباده، فمن استهزائه بهم أن زين لهم ما كانوا فيه من الشقاء والحالة الخبيثة‏,‏ حتى ظنوا أنهم مع المؤمنين‏,‏ لما لم يسلط الله المؤمنين عليهم، ومن استهزائه بهم يوم القيامة‏,‏ أنه يعطيهم مع المؤمنين نورا ظاهرا‏,‏ فإذا مشي المؤمنون بنورهم‏,‏ طفئ نور المنافقين‏,‏ وبقوا في الظلمة بعد النور متحيرين‏,‏ فما أعظم اليأس بعد الطمع، ‏{‏يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ‏}‏ الآية‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَيَمُدُّهُمْ‏}‏ أي‏:‏ يزيدهم ‏{‏فِي طُغْيَانِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ فجورهم وكفرهم، ‏{‏يَعْمَهُونَ‏}‏ أي‏:‏ حائرون مترددون‏,‏ وهذا من استهزائه تعالى بهم‏.‏
ثم قال تعالى كاشفا عن حقيقة أحوالهم‏:‏
‏[‏16‏]‏ ‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ‏}‏
أولئك‏,‏ أي‏:‏ المنافقون الموصوفون بتلك الصفات ‏{‏الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى‏}‏ أي‏:‏ رغبوا في الضلالة‏,‏ رغبة المشتري بالسلعة‏,‏ التي من رغبته فيها يبذل فيها الأثمان النفيسة‏.‏ وهذا من أحسن الأمثلة‏,‏ فإنه جعل الضلالة‏,‏ التي هي غاية الشر‏,‏ كالسلعة، وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزلة الثمن، فبذلوا الهدى رغبة عنه بالضلالة رغبة فيها، فهذه تجارتهم‏,‏ فبئس التجارة‏,‏ وبئس الصفقة صفقتهم وإذا كان من بذل دينارا في مقابلة درهم خاسرا‏,‏ فكيف من بذل جوهرة وأخذ عنها درهما‏؟‏ فكيف من بذل الهدى في مقابلة الضلالة‏,‏ واختار الشقاء على السعادة‏,‏ ورغب في سافل الأمور عن عاليها ‏؟‏ فما ربحت تجارته‏,‏ بل خسر فيها أعظم خسارة‏.‏ ‏{‏قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ‏}‏‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ‏}‏ تحقيق لضلالهم‏,‏ وأنهم لم يحصل لهم من الهداية شيء‏,‏ فهذه أوصافهم القبيحة‏.‏
ثم ذكر مثلهم الكاشف لها غاية الكشف، فقال‏:‏
‏[‏17 ـ 20‏]‏ ‏{‏مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ * أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏

أي‏:‏ مثلهم المطابق لما كانوا عليه كمثل الذي استوقد نارًا، أي‏:‏ كان في ظلمة عظيمة‏,‏ وحاجة إلى النار شديدة فاستوقدها من غيره‏,‏ ولم تكن عنده معدة‏,‏ بل هي خارجة عنه، فلما أضاءت النار ما حوله‏,‏ ونظر المحل الذي هو فيه‏,‏ وما فيه من المخاوف وأمنها‏,‏ وانتفع بتلك النار‏,‏ وقرت بها عينه‏,‏ وظن أنه قادر عليها‏,‏ فبينما هو كذلك‏,‏ إذ ذهب الله بنوره‏,‏ فذهب عنه النور‏,‏ وذهب معه السرور‏,‏ وبقي في الظلمة العظيمة والنار المحرقة‏,‏ فذهب ما فيها من الإشراق‏,‏ وبقي ما فيها من الإحراق، فبقي في ظلمات متعددة‏:‏ ظلمة الليل‏,‏ وظلمة السحاب‏,‏ وظلمة المطر‏,‏ والظلمة الحاصلة بعد النور‏,‏ فكيف يكون حال هذا الموصوف‏؟‏ فكذلك هؤلاء المنافقون‏,‏ استوقدوا نار الإيمان من المؤمنين‏,‏ ولم تكن صفة لهم‏,‏ فانتفعوا بها وحقنت بذلك دماؤهم‏,‏ وسلمت أموالهم‏,‏ وحصل لهم نوع من الأمن في الدنيا، فبينما هم على ذلك إذ هجم عليهم الموت‏,‏ فسلبهم الانتفاع بذلك النور‏,‏ وحصل لهم كل هم وغم وعذاب‏,‏ وحصل لهم ظلمة القبر‏,‏ وظلمة الكفر‏,‏ وظلمة النفاق‏,‏ وظلم المعاصي على اختلاف أنواعها‏,‏ وبعد ذلك ظلمة النار ‏[‏وبئس القرار‏]‏‏.‏
فلهذا قال تعالى ‏[‏عنهم‏]‏‏:‏ ‏{‏صُمٌّ‏}‏ أي‏:‏ عن سماع الخير، ‏{‏بُكْمٌ‏}‏ ‏[‏أي‏]‏‏:‏ عن النطق به، ‏{‏عُمْيٌ‏}‏ عن رؤية الحق، ‏{‏فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ‏}‏ لأنهم تركوا الحق بعد أن عرفوه‏,‏ فلا يرجعون إليه، بخلاف من ترك الحق عن جهل وضلال‏,‏ فإنه لا يعقل‏,‏ وهو أقرب رجوعا منهم‏.‏
ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ‏}‏ يعني‏:‏ أو مثلهم كصيب، أي‏:‏ كصاحب صيب من السماء، وهو المطر الذي يصوب‏,‏ أي‏:‏ ينزل بكثرة، ‏{‏فِيهِ ظُلُمَاتٌ‏}‏ ظلمة الليل‏,‏ وظلمة السحاب‏,‏ وظلمات المطر، ‏{‏وَرَعْدٌ‏}‏ وهو الصوت الذي يسمع من السحاب، ‏{‏وَبَرْقٌ‏}‏ وهو الضوء ‏[‏اللامع‏]‏ المشاهد مع السحاب‏.‏
‏{‏كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ‏}‏ البرق في تلك الظلمات ‏{‏مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا‏}‏ أي‏:‏ وقفوا‏.‏
فهكذا حال المنافقين‏,‏ إذا سمعوا القرآن وأوامره ونواهيه ووعده ووعيده‏,‏ جعلوا أصابعهم في آذانهم‏,‏ وأعرضوا عن أمره ونهيه ووعده ووعيده‏,‏ فيروعهم وعيده وتزعجهم وعوده، فهم يعرضون عنها غاية ما يمكنهم‏,‏ ويكرهونها كراهة صاحب الصيب الذي يسمع الرعد‏,‏ ويجعل أصابعه في أذنيه خشية الموت‏,‏ فهذا تمكن له السلامة‏.‏ وأما المنافقون فأنى لهم السلامة‏,‏ وهو تعالى محيط بهم‏,‏ قدرة وعلما فلا يفوتونه ولا يعجزونه‏,‏ بل يحفظ عليهم أعمالهم‏,‏ ويجازيهم عليها أتم الجزاء‏.‏
ولما كانوا مبتلين بالصمم‏,‏ والبكم‏,‏ والعمى المعنوي‏,‏ ومسدودة عليهم طرق الإيمان، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ الحسية‏,‏ ففيه تحذير لهم وتخويف بالعقوبة الدنيوية‏,‏ ليحذروا‏,‏ فيرتدعوا عن بعض شرهم ونفاقهم، ‏{‏إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏ فلا يعجزه شيء، ومن قدرته أنه إذا شاء شيئًا فعله من غير ممانع ولا معارض‏.‏
وفي هذه الآية وما أشبهها‏,‏ رد على القدرية القائلين بأن أفعالهم غير داخلة في قدرة الله تعالى‏,‏ لأن أفعالهم من جملة الأشياء الداخلة في قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}


يتبع ان شاء الله
المحققة ايليتا
المحققة ايليتا
عضو ذكي
عضو ذكي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : كل الأقسام
مزاجي : حـ أوف ـر
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 956
الموقع: : كونان
الأوســمــة : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Jb12915568671

مُساهمةالمحققة ايليتا الجمعة 27 مايو - 6:05:32



ما شاء الله ابداع بقلم من مبدعة
شكرا لمجهودك
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات الإثنين 30 مايو - 14:23:13



العفو حبي وشكرا لكي على مدوامة الاشتراك وقراءة المعلومات
اميرة البنات
اميرة البنات
عضو فضي
عضو فضي
لوني المفضل : احمر
القسم المفضل : القسم الإسلامي
شخصيتي المفضلة: : فرموث هيبارا ساكرا ساسكي ناروتو
مزاجي : آحش
المهنة: : حملة حياتي احلى بالقران الكريم  Studen10
الجنس: : انثى
عدد المساهمات: : 1077
العمر : 24

مُساهمةاميرة البنات الإثنين 30 مايو - 14:24:38



[‏21 ـ 22‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *

عشان احبائي يستفيدوا

التكملة واسفة على التاخير

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ‏}‏
هذا أمر عام لكل الناس‏,‏ بأمر عام‏,‏ وهو العبادة الجامعة‏,‏ لامتثال أوامر الله‏,‏ واجتناب نواهيه‏,‏ وتصديق خبره‏,‏ فأمرهم تعالى بما خلقهم له، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ‏}‏
ثم استدل على وجوب عبادته وحده‏,‏ بأنه ربكم الذي رباكم بأصناف النعم‏,‏ فخلقكم بعد العدم‏,‏ وخلق الذين من قبلكم‏,‏ وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة‏,‏ فجعل لكم الأرض فراشا تستقرون عليها‏,‏ وتنتفعون بالأبنية‏,‏ والزراعة‏,‏ والحراثة‏,‏ والسلوك من محل إلى محل‏,‏ وغير ذلك من أنواع الانتفاع بها، وجعل السماء بناء لمسكنكم‏,‏ وأودع فيها من المنافع ما هو من ضروراتكم وحاجاتكم‏,‏ كالشمس‏,‏ والقمر‏,‏ والنجوم‏.‏
‏{‏وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً‏}‏ والسماء‏:‏ ‏[‏هو‏]‏ كل ما علا فوقك فهو سماء‏,‏ ولهذا قال المفسرون‏:‏ المراد بالسماء ها هنا‏:‏ السحاب، فأنزل منه تعالى ماء، ‏{‏فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ‏}‏ كالحبوب‏,‏ والثمار‏,‏ من نخيل‏,‏ وفواكه‏,‏ ‏[‏وزروع‏]‏ وغيرها ‏{‏رِزْقًا لَكُمْ‏}‏ به ترتزقون‏,‏ وتقوتون وتعيشون وتفكهون‏.‏
‏{‏فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا‏}‏ أي‏:‏ نظراء وأشباها من المخلوقين‏,‏ فتعبدونهم كما تعبدون الله‏,‏ وتحبونهم كما تحبون الله‏,‏ وهم مثلكم‏,‏ مخلوقون‏,‏ مرزوقون مدبرون‏,‏ لا يملكون مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض، ولا ينفعونكم ولا يضرون، ‏{‏وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ‏}‏ أن الله ليس له شريك‏,‏ ولا نظير‏,‏ لا في الخلق‏,‏ والرزق‏,‏ والتدبير‏,‏ ولا في العبادة فكيف تعبدون معه آلهة أخرى مع علمكم بذلك‏؟‏ هذا من أعجب العجب‏,‏ وأسفه السفه‏.‏
وهذه الآية جمعت بين الأمر بعبادة الله وحده‏,‏ والنهي عن عبادة ما سواه‏,‏ وبيان الدليل الباهر على وجوب عبادته‏,‏ وبطلان عبادة من سواه‏,‏ وهو ‏[‏ذكر‏]‏ توحيد الربوبية‏,‏ المتضمن لانفراده بالخلق والرزق والتدبير، فإذا كان كل أحد مقرا بأنه ليس له شريك في ذلك‏,‏ فكذلك فليكن إقراره بأن ‏[‏الله‏]‏ لا شريك له في العبادة‏,‏ وهذا أوضح دليل عقلي على وحدانية الباري، وبطلان الشرك‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏}‏ يحتمل أن المعنى‏:‏ أنكم إذا عبدتم الله وحده‏,‏ اتقيتم بذلك سخطه وعذابه‏,‏ لأنكم أتيتم بالسبب الدافع لذلك، ويحتمل أن يكون المعنى‏:‏ أنكم إذا عبدتم الله‏,‏ صرتم من المتقين الموصوفين بالتقوى‏,‏ وكلا المعنيين صحيح‏,‏ وهما متلازمان، فمن أتى بالعبادة كاملة‏,‏ كان من المتقين، ومن كان من المتقين‏,‏ حصلت له النجاة من عذاب الله وسخطه‏.‏ ثم قال تعالى‏:‏
‏[‏23 ـ 24‏]‏ ‏{‏وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ‏}‏
وهذا دليل عقلي على صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحة ما جاء به، فقال‏:‏ ‏{‏وإن كنتم‏}‏ معشر المعاندين للرسول‏,‏ الرادين دعوته‏,‏ الزاعمين كذبه في شك واشتباه‏,‏ مما نزلنا على عبدنا‏,‏ هل هو حق أو غيره‏؟‏ فها هنا أمر نصف، فيه الفيصلة بينكم وبينه، وهو أنه بشر مثلكم‏,‏ ليس بأفصحكم ولا بأعلمكم وأنتم تعرفونه منذ نشأ بينكم‏,‏ لا يكتب ولا يقرأ، فأتاكم بكتاب زعم أنه من عند الله‏,‏ وقلتم أنتم أنه تقوَّله وافتراه، فإن كان الأمر كما تقولون‏,‏ فأتوا بسورة من مثله‏,‏ واستعينوا بمن تقدرون عليه من أعوانكم وشهدائكم‏,‏ فإن هذا أمر يسير عليكم، خصوصًا وأنتم أهل الفصاحة والخطابة‏,‏ والعداوة العظيمة للرسول، فإن جئتم بسورة من مثله‏,‏ فهو كما زعمتم‏,‏ وإن لم تأتوا بسورة من مثله وعجزتم غاية العجز‏,‏ ولن تأتوا بسورة من مثله، ولكن هذا التقييم على وجه الإنصاف والتنزل معكم، فهذا آية كبرى‏,‏ ودليل واضح ‏[‏جلي‏]‏ على صدقه وصدق ما جاء به‏,‏ فيتعين عليكم اتباعه‏,‏ واتقاء النار التي بلغت في الحرارة العظيمة ‏[‏والشدة‏]‏‏,‏ أن كانت وقودها الناس والحجارة‏,‏ ليست كنار الدنيا التي إنما تتقد بالحطب‏,‏ وهذه النار الموصوفة معدة ومهيأة للكافرين بالله ورسله‏.‏ فاحذروا الكفر برسوله‏,‏ بعد ما تبين لكم أنه رسول الله‏.‏
وهذه الآية ونحوها يسمونها آيات التحدي‏,‏ وهو تعجيز الخلق أن يأتوا بمثل هذا القرآن، قال تعالى ‏{‏قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا‏}‏
وكيف يقدر المخلوق من تراب‏,‏ أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب‏؟‏ أم كيف يقدر الناقص الفقير من كل الوجوه‏,‏ أن يأتي بكلام ككلام الكامل‏,‏ الذي له الكمال المطلق‏,‏ والغنى الواسع من كل الوجوه‏؟‏ هذا ليس في الإمكان‏,‏ ولا في قدرة الإنسان، وكل من له أدنى ذوق ومعرفة ‏[‏بأنواع‏]‏ الكلام‏,‏ إذا وزن هذا القرآن العظيم بغيره من كلام البلغاء‏,‏ ظهر له الفرق العظيم‏.‏
وفي قوله‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ‏}‏ إلى آخره‏,‏ دليل على أن الذي يرجى له الهداية من الضلالة‏:‏ ‏[‏هو‏]‏ الشاك الحائر الذي لم يعرف الحق من الضلال، فهذا إذا بين له الحق فهو حري بالتوفيق إن كان صادقا في طلب الحق‏.‏
وأما المعاند الذي يعرف الحق ويتركه‏,‏ فهذا لا يمكن رجوعه‏,‏ لأنه ترك الحق بعد ما تبين له‏,‏ لم يتركه عن جهل‏,‏ فلا حيلة فيه‏.‏
وكذلك الشاك غير الصادق في طلب الحق‏,‏ بل هو معرض غير مجتهد في طلبه‏,‏ فهذا في الغالب أنه لا يوفق‏.‏
وفي وصف الرسول بالعبودية في هذا المقام العظيم‏,‏ دليل على أن أعظم أوصافه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قيامه بالعبودية‏,‏ التي لا يلحقه فيها أحد من الأولين والآخرين‏.‏
كما وصفه بالعبودية في مقام الإسراء، فقال‏:‏ ‏{‏سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ‏}‏ وفي مقام الإنزال، فقال‏:‏ ‏{‏تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ‏}‏
وفي قوله‏:‏ ‏{‏أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ‏}‏ ونحوها من الآيات‏,‏ دليل لمذهب أهل السنة والجماعة‏,‏ أن الجنة والنار مخلوقتان خلافا للمعتزلة، وفيها أيضًا‏,‏ أن الموحدين وإن ارتكبوا بعض الكبائر لا يخلدون في النار‏,‏ لأنه قال‏:‏ ‏{‏أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ‏}‏ فلو كان ‏[‏عصاة الموحدين‏]‏ يخلدون فيها‏,‏ لم تكن معدة للكافرين وحدهم، خلافا للخوارج والمعتزلة‏.‏
وفيها دلالة على أن العذاب مستحق بأسبابه‏,‏ وهو الكفر‏,‏ وأنواع المعاصي على اختلافها‏.‏
‏[‏25‏]‏ ‏{‏وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏}‏
لما ذكر جزاء الكافرين‏,‏ ذكر جزاء المؤمنين‏,‏ أهل الأعمال الصالحات‏,‏ على طريقته تعالى في القرآن يجمع بين الترغيب والترهيب‏,‏ ليكون العبد راغبا راهبا‏,‏ خائفا راجيا فقال‏:‏ ‏{‏وَبَشِّرِ‏}‏ أي‏:‏ ‏[‏يا أيها الرسول ومن قام مقامه‏]‏ ‏{‏الَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ بقلوبهم ‏{‏وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ‏}‏ بجوارحهم‏,‏ فصدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة‏.‏
ووصفت أعمال الخير بالصالحات‏,‏ لأن بها تصلح أحوال العبد‏,‏ وأمور دينه ودنياه‏,‏ وحياته الدنيوية والأخروية‏,‏ ويزول بها عنه فساد الأحوال‏,‏ فيكون بذلك من الصالحين‏,‏ الذين يصلحون لمجاورة الرحمن في جنته‏.‏
فبشرهم ‏{‏أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ‏}‏ أي‏:‏ بساتين جامعة من الأشجار العجيبة‏,‏ والثمار الأنيقة‏,‏ والظل المديد‏,‏ ‏[‏والأغصان والأفنان وبذلك‏]‏ صارت جنة يجتن بها داخلها‏,‏ وينعم فيها ساكنها‏.‏
‏{‏تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ‏}‏ أي‏:‏ أنهار الماء‏,‏ واللبن‏,‏ والعسل‏,‏ والخمر، يفجرونها كيف شاءوا‏,‏ ويصرفونها أين أرادوا‏,‏ وتشرب منها تلك الأشجار فتنبت أصناف الثمار‏.‏
‏{‏كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ‏}‏ أي‏:‏ هذا من جنسه‏,‏ وعلى وصفه‏,‏ كلها متشابهة في الحسن واللذة، ليس فيها ثمرة خاصة‏,‏ وليس لهم وقت خال من اللذة‏,‏ فهم دائما متلذذون بأكلها‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا‏}‏ قيل‏:‏ متشابها في الاسم‏,‏ مختلف الطعوم وقيل‏:‏ متشابها في اللون‏,‏ مختلفا في الاسم، وقيل‏:‏ يشبه بعضه بعضًا‏,‏ في الحسن‏,‏ واللذة‏,‏ والفكاهة‏,‏ ولعل هذا الصحيح
ثم لما ذكر مسكنهم‏,‏ وأقواتهم من الطعام والشراب وفواكههم‏,‏ ذكر أزواجهم‏,‏ فوصفهن بأكمل وصف وأوجزه‏,‏ وأوضحه فقال‏:‏ ‏{‏وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ‏}‏ فلم يقل‏:‏ ‏"‏مطهرة من العيب الفلاني‏"‏ ليشمل جميع أنواع التطهير، فهن مطهرات الأخلاق‏,‏ مطهرات الخلق‏,‏ مطهرات اللسان‏,‏ مطهرات الأبصار، فأخلاقهن‏,‏ أنهن عرب متحببات إلى أزواجهن بالخلق الحسن‏,‏ وحسن التبعل‏,‏ والأدب القولي والفعلي‏,‏ ومطهر خلقهن من الحيض والنفاس والمني‏,‏ والبول والغائط‏,‏ والمخاط والبصاق‏,‏ والرائحة الكريهة، ومطهرات الخلق أيضًا‏,‏ بكمال الجمال‏,‏ فليس فيهن عيب‏,‏ ولا دمامة خلق‏,‏ بل هن خيرات حسان‏,‏ مطهرات اللسان والطرف، قاصرات طرفهن على أزواجهن‏,‏ وقاصرات ألسنتهن عن كل كلام قبيح‏.‏
ففي هذه الآية الكريمة‏,‏ ذكر المبشِّر والمبشَّر‏,‏ والمبشَّرُ به‏,‏ والسبب الموصل لهذه البشارة، فالمبشِّر‏:‏ هو الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن قام مقامه من أمته، والمبشَّر‏:‏ هم المؤمنون العاملون الصالحات، والمبشَّر به‏:‏ هي الجنات الموصوفات بتلك الصفات، والسبب الموصل لذلك‏,‏ هو الإيمان والعمل الصالح، فلا سبيل إلى الوصول إلى هذه البشارة‏,‏ إلا بهما، وهذا أعظم بشارة حاصلة‏,‏ على يد أفضل الخلق‏,‏ بأفضل الأسباب‏.‏
وفيه استحباب بشارة المؤمنين‏,‏ وتنشيطهم على الأعمال بذكر جزائها ‏[‏وثمراتها‏]‏‏,‏ فإنها بذلك تخف وتسهل، وأعظم بشرى حاصلة للإنسان‏,‏ توفيقه للإيمان والعمل الصالح، فذلك أول البشارة وأصلها، ومن بعده البشرى عند الموت، ومن بعده الوصول إلى هذا النعيم المقيم، نسأل الله أن يجعلنا منهم‏.‏



يتبع ان شاء الله

صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

للمشاركة انت بحاجه الى تسجيل الدخول او التسجيل

يجب ان تعرف نفسك بتسجيل الدخول او بالاشتراك معنا للمشاركة

التسجيل

انضم الينا لن يستغرق منك الا ثوانى معدودة!


أنشئ حساب جديد

تسجيل الدخول

ليس لديك عضويه ؟ بضع ثوانى فقط لتسجيل حساب


تسجيل الدخول





شاركـ هذا الموضوع...
خدمات الموضوع
رابط الموضوع:
BBCode:
HTML:


الاعضاء الذين قاموا بقراءة الموضوع اليوم : 20 (3عضو و17ضيف)


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى